الفصل السابع – الإثم الكنعانيّ
الفصل السابع – الإثم الكنعانيّ
القوميّة هي الرّوحيّة الواحدة أو الشّعور الواحد المنبثق من الأمّة، من وحدة الحياة في مجرى الزّمان. ليست القوميّة مجرّد عصبيّة هوجاء أو نعرة متولّدة من اعتقادات أوّليّة أو دينيّة. إنّها ليست نوعاً من الطّوطميّة، أو نعرة دمويّة سلاليّة، بل شعور خفيّ صادق وعواطف حيّة وحنوّ وثيق على الحياة التي عهدها الإنسان. إنّها عوامل نفسيّة منبثقة من روابط الحياة الاجتماعيّة الموروثة والمعهودة، قد تطغي عليها، في ضعف تنبّهها، زعازع الدّعاوات والاعتقادات السّياسيّة، ولكنّها لا تلبث أن تستيقظ في سكون اللّيل وساعات التّأمل والنّجوى أو في خطرات الإنسان في بريّة وطنه أو متى تذكّر برّيّة وطنه.
وإنّ الوطن وبريّته، حيث فتح المرء عينيه للنّور وورث مزاج الطّبيعة وتعلّقت حياته بأسبابها، هما أقوى عناصر هذه الظّاهرة النّفسيّة الاجتماعيّة الّتي هي القوميّة. ماذا تعني القوميّة للسّويسريّ إذا أزلت جبال الألب وبحيراتها ؟ وماذا تعني القوميّة للفرنسيّ إذا اختفت سهول فرنسا وتحوّلت أنهرها عن مجاريها ؟
والسّوريّ هل يخفق قلبه لجبال الألب أو لصحاري بلاد العرب على ما فيها من مشاهد جميلة ؟ أليست سورية هي الّتي ترتاح إليها نفسه ويحنّ إليها فؤاده إذا غاب عنها ؟