وما اشبه اليوم (2019) بالامس(1936)
أنطون سعاده
“لقد قامت الرجعية بعد هجعتها وخرجت تبحث عن فريسة فوجدتها في الغوغاء فأنشبت أظفارها في لحمها. إنّ الرجعية خبيثة ومنافقة وذات حيلة ولبوس. فهي تظهر حيناً بمظهر الغضب لكرامة بالية وآناً بمظهر الدعوة إلى وهم أجوف وما غايتها الصحيحة إلا الاصطياد في الماء العكر
إن تحويل الوطن إلى ميدان ينقسم فيه الشعب الواحد، الموحد المصير إلى جيشين يتطاحنان للوصول إلى غاية واحدة، هي الخراب القومي، عمل شائن لا يليق إلا بالشعوب البربرية، والرجعية تحب البربرية لأن فيها حياتها وكرامتها.
إنّ الرجعية تثير الأحقاد وتستفز الجماعات وترمي الغوغاء إلى معترك الفوضى. هكذا ابتدأت مظاهرة أمس وهكذا انتهت مظاهرة أمس.
أيها الرفقاء،
إنّ كرامة الأمة وسلامة الوطن قد أصبحتا وليس لهما ضمان سوى موقفكم وعملكم، فعليكم أن تعملوا بما عرفتم به من عقيدة راسخة وتجرّد صادق ووطنية لا غبار ولا شبهة عليها. فاعملوا لتغلب الوطنية على الطائفية ولانتصار النهضة القومية على الحركات الرجعية.
إنكم قد سمعتم بعض الجماعات الراغبة في جركم إلى الفوضى تهتف حين حملاتها الفوضوية باسمكم وباسم زعيمكم. فأوصيكم أن تكونوا عند عهدي بكم من النظام وأن لا تؤخذوا بهوس المهووسين الذين يريدون أن يستغلوا قضيتكم وقوّتكم.
كونوا رسلاً أمناء لقضيتكم القومية. كونوا جنوداً لتحاربوا التجزئة والانقسام الداخليين. كونوا سداً منيعاً ضد الدعوة إلى بعث النعرات الهدامة. أوصوا كل من تجتمعون بهم أن لا يكونوا آلة في يد رجال يستثمرون الشعب ويضحون مصالح الشعب في سبيل منافعهم، هؤلاء الذين اتخذوا الرعونة نظاماً لهم والمنفعة الشخصية دستوراً.
كونوا قوميين دائماً،
إنّ المستقبل لكم.”
(بتصرف، نداء إلى القوميين بمناسبة الفتنة الدينية، النهار، بيروت، العدد 966، 17/11/1936)