أنطون سعادة – إصلاح الكيان
“… وضعنا فيما سبق القواعد الاقتصادية والقواعد السياسية للكيان اللبناني والاستقلال اللبناني وننتقل الآن إلى ما يحتاج إليه هذا الكيان من إصلاح يتقدّم به الحزب القومي إلى الشعب اللبناني طالبًا تأييده الكلّي لتحقيقه.
ينقسم هذا الإصلاح الذي يشتمل عليه منهاج الحزب القومي إلى خمسة أصناف:
أ- الإصلاح الاجتماعي
وينطوي تحت هذا الصنف:
1- إيجاد تشريع للزواج يؤمّن العائلة الراقية.
2- الفحص الطبّي قبل العقد.
3- إيجاد مصحّات قومية تفي بحاجة الشعب.
4- تعميم التعليم القومي وجعله إجباريًّا ومجانيًّا.
5- ضبط مناهج التعليم في جميع المدارس والمؤسّسات الثقافية.
6- تشجيع الرياضة البدنيّة.
أ- الإصلاح الاقتصادي
1- الإنتاج وحمايته بالمكوس على المستوردات الأجنبية التي تضارب الإنتاج القومي الرئيسي وتعاكس نشوء الصناعة القومية.
2- تشجيع الإنتاج وتقويته بالعناية التكنية والقوانين الداخلية والمساعدات اللّازمة وبالعقود الإنترنسيونية.
3- ضبط السوق الداخلية ومنع الأرباح الفاحشة وضبط معدّل الأرباح المعقولة.
4- الاهتمام بالأسواق الخارجية لتصدير منتجاتنا إليها وسنّ القوانين اللّازمة للتبادل التجاري في الخارج.
5- الاعتناء بحركة التصدير وإيجاد الشروط والقوانين التي تكفل نجاحها من حيث تصنيف الأنواع وضبط الأسعار ومراقبة التغليف وما شاكل.
6- حفظ مركز الرسمال القومي في جميع مشاريع الاستعمار وعدم السماح لرسمال أجنبي وحده باستثمار مشاريع في أيّة بقعة قومية.
7- إيجاد أساس النقد القومي وحفظ استقلاله وحمايته من التلاعب المالي والخارجي.
8- صيانة العمل والعمّال من إجحاف استبداد الرسماليين وإقامة العدل الاجتماعي الذي لا ينتظم إنتاج قومي بدونه.
9- صيانة الفلّاحين من الطغيان الإقطاعي وتثبيت حقوقهم ونصيبهم العادل في إنتاجهم وإحاطتهم بالعناية الثقافية والصحّية.
10- منع المهاجرة وإيجاد وسائل العمل للّذين تدفعهم البطالة وانعدام الإنتاج الاقتصادي إلى الهجرة.
11- القضاء على البطالة بإيجاد مشاريع إنتاجية قومية تحسّن حالة البلاد الاقتصادية.
12- صيانة حقوق مستخدمي التجارة وضبط الأجور التي تدفع لهم.
ج- الإصلاح السياسي
1- محاربة النفعية والرجعية.
2- محاربة تدخّل الغايات الأجنبية في سياسة البلاد الداخلية.
3- إيجاد التمثيل المسؤول لمصالح الشعب بواسطة الأحزاب ذات الأهداف القومية والمناهج الشعبية العامة.
4- إلغاء التمثيل الطائفي وإقامة التمثيل القومي.
5- ضمان حرية الرأي والقول والاجتماع.
د- الإصلاح القضائي:
1- الفصل التامّ بين القضاء والسياسة والحكم.
2- ضمان نزاهة القضاء واستقلاله بتعيين مرتّبات عالية للقضاة.
3- إزالة أسباب النزاع بين القضاء المدني والقضاء الديني.
4- إيجاد نظام خاصّ للمحاماة يزيل مفاسدها ويصون حقوق أصحاب الدعاوي.
هـ – الإصلاح الإداري
1- إلغاء الوظائف التي لا عمل حقيقي لها.
2- القضاء على المحسوبية.
3- محاربة الرشوة وتعيين عقوبات شديدة للمرتشين.
4- رفع مرتّبات الموظّفين لتحسين حياة الموظّف ورفع منزلة وظيفته في عينيه.
بهذا المنهاج الذي يعالج مسائل الاستقلال وحالة الشعب قرّر الحزب القومي خوض معركة الانتخابات في جميع محافظات الجمهورية اللبنانية.
ولكنّ الحوادث الغريبة التي تلت عودة الزعيم وقيام جبهة من المصالح الأجنبية والنفعية المحلّية، بدسائس ومؤمرات سخّرت لها بعض أجهزة الدولة وانتهت بإصدار مذكّرة توقيف بحقّ الزعيم وتعطيل جريدة “النهضة” أوجدت حالة شاذّة لم تسمح بالعمل الطبيعي الذي هو حقّ مقدّس لأعضاء الدولة ومنظّماتها فاضطرّ للاعتصام بالمناطق القومية الجبلية المنيعة وحرمت مناطق الجمهورية اللبنانية من العمل التنويري في المقاصد القومية لأنّ الزعيم تجنّب الجولات الإذاعية الواسعة منعًا للاصطدام بين الحزب وقوّات الحكومة وحقنا للدماء.
وبينما يسجّل الحزب القومي هذه الحقائق البسيطة الدالة على تضييق على الحرّيات الأساسية وعلى امتهان حقوق أعضاء الدولة المدنية والسياسة وعلى الجوّ الإرهابي الذي خلق للحدّ من حرّية الانتخابات، يثبت أيضًا أنّه تمكّن تحت ضغط الحالة الشاذّة المشار إليها من التقدّم بعدد من المرشحين في مختلف المناطق وهو لا يجهل الصعوبات والعراقيل الرسمية وغير الرسمية التي ستوضع في سبيل عملهم.
وقد تمكّن الحزب القومي من إيجاد ائتلاف في محافظة جبل لبنان بينه وبين بعض الشخصيات والعناصر السياسية التي يعمل على رأسها الشيخ سليم الخوري. وقد ضمّ هذا الائتلاف ثلاثة مرشّحين قوميين هم الرفقاء الدكتور أمين تلحوق وأسد الأشقر وحافظ المنذر.
فالحزب القومي يطلب من فروعه وأعضائه التقيّد بالعقود التي أمضاها وخوض المعركة بالعزيمة والقوّة اللّتين تميّزان أبناء النهضة القومية الاجتماعية عن غيرهم.
ومع العلم أنّ الشعب في الجمهورية اللبنانية كما هو في جميع الأقاليم السورية لا يزال في قبضة المصالح الإقطاعية والنفعية والعائلية، فهو يثق بأنّ خوض معركة الانتخابات سيكون منها قويًّا لشعب ولن يذهب بدون جدوى.
والحزب القومي يثق بأنّ مرشحيه سيلاقون التأييد الشعبي المطلق من جميع الفئات التي أصبحت تدرك وجوب إنقاذ البلاد من السياسات الشخصية النفعية، الرجعية وتأمينها وتأمين مصيرها بالالتفاف حول النهضة القومية الاجتماعية ومؤسّساتها، التي برهنت في خمس عشرة سنة من جهاد مستمرّ، على أنّها لا تبغي غير مجد الأمّة وعزّها وتقدّمها وازدهارها”.
(أنطون سعادة، 24 أيّار 1947).