المحاضرة التاسعة في 21 آذار 1948
المبدأ الإصلاحي الخامس “إعداد جيش قوي يكون ذا قيمة فعلية في تقرير مصير الأمة والوطن”. نتابع الشرح المختصر لهذا المبدأ.
ص139 كتاب الدليل إلى العقيدة السورية القومية الإجتماعية
لا سبب عندنا لنخاف العراك من أجل تثبيت حقنا في الحياة. نحن لا نبحث اليوم في إنشاء إمبراطوريات. لكننا نبحث في حق صحيح، في حق الحياة في الوطن الذي هو ملك الأمة. وكما قلت سابقاً إنّ اعتمادنا على مجرد إيضاح الحق ليس كافياً ولم يكن كافياً. وقد يذهب وطننا من أيدينا قطعة بعد قطعة ونحن لا نفعل غير كتابات وخطب وفوضى عظيمة في الداخل. جاسوسية خبيثة تعبث بعقول الناس. خيانات. بيع الوطن. تجزؤ وتفسخ اجتماعي وسياسي. وتحدث الحرب بهذه الحالة.
لا يمكن مطلقاً أن نحافظ على حقوقنا بخطب ومذكرات. وقد عرفتم ما هو رأيي في الرسالة التي وجهتها في تشرين الثاني من السنة الماضية حيث قلت عن (جامعة الأمم المتحدة):
“إن هذه المنظمة لم تنشأ كنتيجة عامة لإنسانية عامة. نشأت من أمم منتصرة لتقر الحق الذي تقرره الأمم المنتصرة”.
هذه هي الحالة. إذا كنا نحن لا ننهض ولا نعتمد على أنفسنا ولا نستعد لإثبات حقنا ولتنفيذ إرادتنا فيما يخص حقنا، كان باطلاً كل مجهود وتمن في أن نصل أن نكون أمّة يمكن أن تحصل على الخير الذي تستحقه.
نحن حركة هجومية لا حركة دفاعية. نهاجم بالفكر والروح، ونهاجم بالأعمال والأفعال أيضاً. نحن نهاجم الأوضاع الفاسدة القائمة التي تمنع أمتنا من النمو ومن استعمال نشاطها وقوتها. نهاجم المفاسد الاجتماعية والروحية والسياسية.
نهاجم الحزبيات الدينية،
نهاجم الإقطاع المتحكم بالفلاحين،
نهاجم الرسمالية الفردية الطاغية،
نهاجم العقليات المتحجّرة المتجمدة،
نهاجم النظرة الفردية. ونستعد لمهاجمة الأعداء الذين يأتون ليجتاحوا بلادنا بغية القضاء علينا، لنقضي عليهم.
هذه هي وجهة سيرنا. هذا موقفنا في المشاكل السياسية الكبرى المحيطة بنا.
نحن لا نعني بحركتنا لعباً ولا تسلية.
نحن نعني بناء جديداً، نعني إعادة النفسية السورية الصحيحة إلى الأمة، إعادة الثقة والإيمان بالنفس إلى هذه الأمة التي فقدتها.
نحن نعني أننا لا نرضى إلا حياة الأحرار ولا نرضى إلا أخلاق الأحرار.
قد تكون الحرية حملاً ثقيلاً ولكنه حمل لا يضطلع به إلا ذوو النفوس الكبيرة. أما النفوس العاجزة فتنوء وترزح وتسقط، تسقط غير مأسوف عليها.
تسقط محتقرة مهانة،
تسقط مستسلمة في ذلها
تسقط وقد قضت على نفسها قبل أن يقضي عليها غيرها.
نحن بنظرنا سلبيون في الحياة، أي أننا لا نقبل بكل أمر مفعول يفرض، وبكل حالة تقرر لنا من الخارج.
لسنا ضعفاء إلا إذا أردنا أن نكون ضعفاء،
إذا سلمنا بالأمور المفعولة وللأحداث التي تفرض علينا وقبلنا بالانحطاط الأخلاقي والمعنوي والمادي الذي لا مناص منه ما دمنا مستسلمين.
الذي يسقط في العراك غير مستسلم قد يكون غلب لكنه لم يقهر. يقهر قهراً الذي يستسلم ويخنع.
ويل للمستسلمين الذين يرفضون الصراع فيرفضون الحرية وينالون العبودية التي يستحقون.