
“… نحن حركة هجوميّة لا دفاعيّة
نهاجم بالفكر والروح، ونهاجم بالأعمال والأفعال أيضًا. نحن نهاجم الأوضاع الفاسدة القائمة التي تمنع أمتنا من النمو ومن استعمال نشاطها وقوتها. نهاجم المفاسد الاجتماعية والروحية والسياسية.
نهاجم الحزبيات الدينية،
نهاجم الإقطاع المتحكم بالفلاحين،
نهاجم الرأسمالية الفردية الطاغية،
نهاجم العقليات المتحجرة المتجمدة،
نهاجم النظرة الفردية. ونستعد لمهاجمة الأعداء الذين يأتون ليجتاحوا بلادنا بغية القضاء علينا، لنقضي عليهم.
هذه هي وجهة سيرنا. هذا موقفنا في المشاكل السياسية الكبرى المحيطة بنا.
إذا كان لا بد من هلاكنا يجب أن نهلك كما يليق بالأحرار لا كما يليق بالعبيد.
نحن لا نعني بحركتنا لعبًا ولا تسلية.
نحن نعني بناء جديدًا، نعني إعادة النفسية السورية الصحيحة إلى الأمة، إعادة الثقة والإيمان بالنفس إلى الأمة التي فقدتها.
نحن نعني أننا لا نرضى إلا حياة الأحرار ولا نرضى إلا أخلاق الأحرار.
قد تكون الحرية حملاً ثقيلاً ولكنه حمل لا يضطلع به إلا ذوو النفوس الكبيرة. أما النفوس العاجزة فتنوء وترزح وتسقط. تسقط غير مأسوف عليها.
تسقط محتقرة مهانة،
تسقط مستسلمة في ذلها،
تسقط وقد قضت على نفسها قبل أن يقضي عليها غيرها.
نحن بنظرنا سلبيون في الحياة، أي إننا لا نقبل بكل أمر مفعول يفرض، وبكل حالة تقرر لنا من الخارج.
لسنا ضعفاء إلا إذا أردنا أن نكون ضعفاء،
إذا سلمنا بالأمور المفعولة وبالأحداث التي تفرض علينا وقبلنا بالانحطاط الأخلاقي والمعنوي والمادي، الذي لا مناص منه ما دمنا مستسلمين.
الذي يسقط في العراك غير مستسلم قد يكون غلب لكنه لم يقهر.
يقهر قهرا الذي يستسلم ويخنع.
ويل للمستسلمين الذين يرفضون الصراع فيرفضون الحرية وينالون العبودية التي يستحقون”.
( المحاضرة التاسعة، ألقيت بتاريخ 21 آذار 1948).