موقف أنطون سعاده من المسألة الفلسطينية
في خطاب الأوّل من آذار عام 1949 قال سعاده: “إن الصراع بيننا وبين اليهود لا يمكن أن يكون فقط في فلسطين بل في كلّ مكان حيث يوجد يهود قد باعوا هذا الوطن وهذه الأمّة بفضّة من اليهود… إن لنا في الحرب سياسة واحدة هي سياسة القتال. أما السياسة في السلم فهي أن يسلم أعداء هذه الأمّة بحقها ونهضتها”.
في الخطاب الذي ألقاه في أوّل حزيران عام 1949، قبل استشهاده بثمانية وثلاثين يومًا قال الزعيم: “تقوم اليوم في الجنوب دولة جديدة غريبة كنت أترقّب قيامها… ولكني كما أعلنت قيام تلك الدولة أعلن اليوم محق تلك الدولة عينها، ليس بقفزة خيالية وهمية، بل بما يعدّه الحزب القومي الاجتماعي من بناء عقديّ وحربيّ يجعل من سورية قوة حربية عظيمة تعرف أنّ انتصار المصالح في صراع الحياة يقرَّر بالقوة بعد أن يقرّر بالحق.”
“إن محق الدولة الجديدة المصطنعة هو عملية نعرف جيدًا مداها. إنها عملية صراع طويل شاق عنيف يتطلب كلّ ذرة من ذرات قوانا لأن وراء الدولة اليهودية الجديدة مطامع دول أجنبية كبيرة تعمل وتساعد وتبذل المال وتمد الدولة الجديدة بالأساطيل والأسلحة لتثبيت وجودها”.
“إن الدولة اليهودية تخرّج اليوم ضباطًا عسكريين وإن الدولة السورية القومية الاجتماعية التي أعلنتها سنة 1935 تخرّج هي أيضًا بدورها ضباطًا عسكريين… هذا ليس آخر جواب نعطيه لليهود لأن الجواب الأخير سيكون في ساحة الحرب”.
“إن لنا اتصالاً باليهود مشرّفًا هو اتصال الحرب والنار بيننا وبينهم، هو اتصال الأعداء بالأعداء وهذا الاتصال مشرّف بلا شك”.
“وهنا لا بدّ لنا من التوقف مليًا أمام مؤامرة تدبير اغتيال زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي في الثامن من تموز 1949، والتي كانت وراءها دولة الاغتصاب وبعض أنظمة الرجعية العربية، مما يدل بوضوح على أهمية دور سعاده وحزبه في فضح ومواجهة الخطة اليهودية ودولتها الجديدة المصطنعة، التي قامت بعقد ما يسمّى باتفاقيات الهدنة مع عدة دول في أمّتنا والعالم العربي عام 1949، وكشف سعاده لهذه الخطة المنكرة بذاتها، وتبعاتها على الأمّة باستمرار أجيالها، وإطلاقه التهديدات الواضحة لحكام الدول السورية التي تفكر في سلوك هذا الطريق، لا سيما في عبارته المدوية: «إن اليد التي تمتد لتوقّع الصلح مع اليهود تقطع من العنق»”.
الحزب بعد استشهاد سعاده
بعد استشهاد سعاده تابع الحزب السوري القومي الاجتماعي مسيرته الجهادية عملاً بوصية الزعيم القائلة: “أنا أموت أمّا حزبي فباقٍ”، واستمرّ فاعلاً في ساحة الجهاد رغم كلّ المؤامرات والحروب التي شُنَّت عليه من الداخل والخارج، وفي مقدمتها الحصار السياسي والإعلامي والعسكري، لا سيما المقولة الشهيرة: “لا سلاح للقوميين الاجتماعيين”، وقد شارك الحزب في المعارك التي شنّتها دولة الاغتصاب عام 1967 إلى جانب المقاومة الشعبية، وكانت له أعمال مشهودة، إضافة إلى الرسائل التحذيرية والتوجيهية التي وجّهها إلى الساسة في الكيانات السياسية السورية، قبل وبعد العدوان، وسنعرض بشكل موجز لأهم مواقف الحزب المتعلقة بالمسألة الفلسطينية منذ الخمسينيات حتى تاريخ إعداد هذا البيان، والمنشورة في الصحف والكتب الحزبية، ومنها:
1- “يا دكتور همرشولد إن الحلّ العادل الوحيد المقبول والذي يمكن تطبيقه لمعضلة فلسطين السورية هو هذا:
أولاً: أن تُحلّ الدولة اليهودية المصطنعة.
ثانيًا: أن تعاد إلى أصحابها الحقيقيين الأملاك والأرزاق التي تستثمرها اليهودية العالمية في فلسطين السورية.
ثالثًا: أن يخرج اليهود من بلادنا ويعودوا إلى تلك «الاثنين والثمانين دولة» التي أصلهم منها.”(من مذكرة الحزب إلى همرشولد أمين عام الأمم المتحدة عام 1959).19
2- “لم يفقه ساستنا حتى اليوم أن الحلّ لا يأتي إلا بالبناء الداخلي… تحتاج المعركة المقبلة إلى استبسال وثبات أكثر وإشراك الشعب بالقتال مهما بلغت أعداد الجثث.” (رسائل إلى الملوك والرؤساء العرب، الجزء الأول، ص. 221).
3- “إننا في قتالنا مع عدوّنا الأوحد – اليهودية العالمية – نقاتل لإحقاق حقّنا. حقّ أمّتنا في حياة حرّة سيّدة على كلّ شبر من أرض وطنها. ولا يمكن أن ينتصر هذا الحقّ إلا متى دعمته قوّة الأمّة الفاعلة، ولا يمكن أن تفعل قوّتنا ونحن مشتَّتون فِرقًا وشِيعًا تتقاتل في ما بينها في توهّم اعتداء إحداها على سيادة الأخرى. إنّ قتالنا يجب أن يكون في سبيل الحفاظ على سيادتنا – سيادة أمّتنا التي انتُهِكت فعلاً منذ أن وطأت أرضَها قدمُ أول جندي يهودي مغتصِب.”20
4- “لمجابهة هذه الخطة [اليهودية] المستمرة بالتصعيد، هناك أمر واحد يضمن تفشيلها وهدم ما تراكم من بنيانها منذ الخطة الأولى حتى الأسس. وهذا الأمر الواحد هو الوحدة القومية على أسس مجتمعية: العراق- الشام- الأردنّ-الكويت-لبنان-الفلسطينيون. وكلّ ما دون ذلك باطل يستغله اليهود.” (من رسالة من رئيس الحزب الدكتور أنطوان أبي حيدر إلى الرئيسين حافظ الأسد وصدام حسين عام 1980).21
5- “إن انعقاد ما سمّي مؤتمرًا دوليًا لحلّ الصراع في الشرق الأوسط والمشاركة في هذا المؤتمر هو من باب «تجريب المجرّب» ونتائجه محسومة ومعروفة سلفًا، وفي أحسن الأحوال ستبقى لمصلحة اليهود”. (من بيان رئيس الحزب الدكتور أنطوان أبي حيدر في 16 تشرين الثاني 1991).
6- “إننا نرى أنّ مقاطعة المفاوضات مع العدوّ بكلّ مراحلها والمعروفة النتائج سلفًا هي من صميم الالتزام بحقوقية قضيتنا الكاملة وفي صميم عملية التهيّؤ للقتال بنظام يجب أن يشتمل كلّ أصحاب الحقّ-أبناء الأمّة جمعاء.” (من بيان رئيس الحزب الدكتور أنطوان أبي حيدر في 1 آذار 1992).
7- “لنا موقف مبدئي قاطع، هو أن الدولة اليهودية يجب أن تُمحق بطريقة أو بأخرى. يجب أن تزول وتزول معها كلّ مفاعيلها السياسية والحقوقية والأرضية… نحن نرى أنّ أيّ عمل مقاوم يصبّ في خانة مَحْقِ الدولة اليهودية يجب أن يلقى منا كلّ دعم. وعلى العكس، فكلّ طرح وكلّ صيغة تكرّس الكيان الاغتصابي أو تساعد على تثبيته هي مسألةٌ واجبٌ إسقاطها.”
8- “أعلِنُ باسم السوريين القوميين الاجتماعيين بعث الدولة السورية القومية على كامل تراب الوطن السوري العظيم، وأعلن القدس بكاملها عاصمة للأمّة. لا القدس الشرقية، ولا القدس الغربية، بل القدس، كلّ القدس، عاصمتنا، وكلّ حبة تراب من القدس هي لنا قدس الأقداس. ونحن لم نضع شعار “القدس عاصمة سوريانا” من باب المزايدة على أحد من أبناء أمّتنا في محبّة هذه المدينة، بل للردّ على طرح العدوّ بجعل القدس عاصمة أبدية “لإسرائيل”. فالقدس لن تكون، كما كلّ المدن الفلسطينية، إلاّ سوريّة النشأة والهوى والمصير.
أمّا البرنامج السياسي لحزبنا والذي نطرحه اليوم فهو مستمد من دستور حزبنا العظيم فهو ينصّ على المبادئ التالية:
أولاً: في قيام الدولة القومية وعاصمتها القدس
1- إلغاء الحدود المصطنعة القائمة بين الكيانات السورية والرجوع إلى حدود ما قبل سايكس ـ بيكو، فما أتى مع الاستعمار يذهب مع الاستعمار.
2- اعتبار الحدود التي نصّ عليها دستور الحزب هي حدود الوطن السوري، والعمل على استرجاع حقوقنا في الأرض، على كامل ترابنا الوطني.
3- رفض ومقاومة كلّ أشكال التفاوض والتطبيع مع العدوّ “الإسرائيلي” المحتل واعتبار التواجد اليهودي الغاصب على أرض فلسطين السورية تواجدًا اغتصابيًا سرطانيًا يجب استئصاله بجميع الوسائل وفي طليعتها المقاومة المسلّحة التي دعا إليها سعاده باكرًا، معلنًا أن لنا لقاءً واحدًا مع اليهود هو لقاء الحديد بالحديد والنار بالنار. فنحن لا نؤمن بالعودة إلى خطوط الـ 67، ولا إلى تقسيم الـ 48، بل العودة إلى حدود ما قبل توقيت قيام الدولة اليهودية. وما المبادرة العربية، القائمة على مبدأ الأرض مقابل السلام، إلا قبول بالأمر المفروض غير الشرعي الذي نشأ في 1948 واعتراف بالاحتلال وإعطاؤه الشرعية.”
9- “إن الهدنة مع العدوّ قد سقطت، ولا بدّ من الردّ في كلّ المواقع بما فيها الجولان… الحزب السوري القومي الاجتماعي له مطلق الحرية ليقوم بما يريد في هذه المعركة وصولاً إلى استهداف مصالح العدوّ اليهودي في كلّ العالم… إن القوميين الاجتماعيين في حلٍّ من أي هدنة أو اتفاق وإن كان للأنظمة ضروراتها فللشعب خياراته.”
المصدر: الموقع الرسمي www.alqawmi.info