
عيد العمل
“أيّها العمّال والفلّاحون السوريون!
يا أصحاب الفنون والحرف!
أيّها المنتجون علمًا وفكرًا وغلالًا وصناعة!
أنتم أوردة الحياة وشرايين القوّة في جسد الأمّة الحيّ. أنتم الأمّة خلقًا وإنتاجًا وتشييدًا، ولكنّ خلقكم مندثر وإنتاجكم مبعثر وعمرانكم مهدّم في الوضع اللّاقومي- اجتماعي الذي ساد البلاد قرونًا عديدة قبل ظهور النهضة القومية الاجتماعية.
ما أعظمكم تعملون نهارًا وليلًا، تصنعون الآلات التي تزيد الإنتاج الصناعي وتحرثون الأرض وتزيدون الإنتاج الزراعي وتبدعون البدائع وتخطّطون الخطط للتمدّن والحياة الجيدة.
وما أعظم صبركم على الرسمالي الذي يحوّل الآلات التي تصنعونها بصبركم ومهارتكم ضدّكم، ينتزع سلاحكم من أيديكم ويردّه ضدّكم، وما أشدّ صبركم على الإقطاعي يجمع الخيرات التي تنتجونها بعرق جباهكم ليحتكرها ويحرمكم حقّ الحياة! وما أعظم جَلَدكم تجاه السياسي الشخصي الذي يصير شارعًا تجاريًّا يبيع نتاج فنونكم وحرفكم للشركات الأجنبية الرسمال، التي تقيم سلطانها الاستعماري في أرضكم”.
“… تتشابه الإقطاعية الشيوعية السياسية والإنترنسيونية والاستعمارية الرسمالية الاقتصادية الإنترنسيونية في الأهداف والنتائج: الاثنتان ترميان إلى الاحتفاظ بتفوّقهما وسيطرتهما الإنترنسيونيين تجاه الأمم الأقلّ عددًا وقوّة وموارد. والاثنتان تقتطعان أو تستعمران الأمم التي ليس لها من القوّة ما يمكنها من حفظ استقلالهم في شؤونها وأهدافها. الإقطاعية الشيوعية تنادي بالإنترنسيونية وتهديم القومية والوطنية، والاستعمارية الرسمالية تنادي أيضًا بالإنترنسيونية والسلام العالمي الدائم والدولة العالمية، وهدف الاثنين السيطرة المطلقة النهائية، على شؤون العالم ومنع الأمم المؤهّلة للنهوض والاتّقاء وبلوغ القوّة الفاعلة من إدراك غايتها ومنازعتها السيطرة على موارد تلك الأمم وعلى موارد العالم الأوّلية.
ليست الشيوعية حركة ذات أهداف اقتصادية اجتماعية. إنّها اليوم حركة ذات أهداف سياسية في المنازعات الإنترنسيونية، تسخّر الأحزاب الشيوعية في العالم لتحقيق أهداف روسية الشيوعية في نزاعها مع ألمانيا الفاشية أو الاشتراكية القومية أوّلًا، ومع بريطانية وأمريكانية الرسماليتين، أخيرًا. فالصراع الذي يقوم به الشيوعيون في سورية وفي جميع الأمم مقادين وموجّهين بتعليمات موسكو هو صراع لم يعطِ العمّال في هذه الأمم أيّة فائدة اجتماعية، في حين أنّه نصر روسية الشيوعية وأعطاها السيطرة على أمم، بعضها تحرّر من السيطرة الروسية سابقًا وبعضها لم يكن تحت هذه السيطرة”.
“…أيّها العمّال والفلّاحون السوريون، إنّ الدعوة التي وجّهتها الشيوعية إليكم لتنبذوا قوميتكم وتنكروا وطنكم، هي دعوة إليكم للتنازل عن سيادتكم، عن الموارد عينها التي لا يمكن تأمين خيركم إلّا بحفظها واسترجاع ما فقد منها وزيادتها، فلا يمكننا أن ننهض إلّا بإنتاج عظيم ولا يمكننا أن ننتج بلا موارد للإنتاج، وبلادنا غنيّة بمواردها، خصبة بأرضها، ولكنّ انعدام الوعي القومي في شعبنا أفقدنا معظم موارد أرضنا الأوّلية الهامّة. فهناك بترول الموصل ومنطقة الجزيرة وبترول النقب السوري، وهناك أملاح البحر الميت التي وضع اليهود أيديهم عليها، وهناك أراضي كيليكية والإسكندرونة وفلسطين الخصيبة التي انتزعت من السيادة السورية. وجميع هذه الموادّ الأوّلية هي ضرورية لإنشاء صناعتنا وزرع مزروعاتنا وإنتاج ثروتنا القومية التي لا يمكننا بلوغ الرفاه والخير العميم بتجريدنا منها.
إنّ توزيع القلّة والفقر بالتساوي لا ينقذنا من الإعياء والوهن والشقاء مهما كان في هذا التوزيع من العدل. فالقومية والموارد الوطنية هي أساس اجتماعيتنا، وإنّ ما ينقذنا من الإعياء والوهن والشقاء هو قوميتنا الاجتماعية، هو وضع مواردنا تحت سيادتنا فيكون لنا الإنتاج العظيم بعملنا ويكون لنا الخير والهناء، بتوزيع الإنتاج القومي الاجتماعي توزيعًا عادلًا. إّن صراعنا القومي الاجتماعي، أيّها العمّال والمزارعون، هو صراع مزدوج إنّه صراع ضدّ الإقطاعي والرسمالي الوطنيين المتحالفين مع الإقطاع والرسمال الإنترنسيونيين، وضدّ الإقطاعية الشيوعية السياسية والاستعمارية الرسمالية الاقتصادية تحرماننا حقّ التقدّم الاقتصادي بمحاولتهما تسخير مجهودنا لأغراضهما.
إنّ أوّل حقّ من حقوقكم الطبيعية والاجتماعية هو حقّ العمل والإنتاج. وبدون وصولكم إلى هذا الحقّ تبقى مسألة الأجور وقوانين العمل وقوانين الضمانة الاجتماعية مسألة وهميّة، فقوانين العمل والضمانة الاجتماعية لا تحلّ مشكلة البطالة ولا مشكلة الفقر العامّ. والتنظيم الشيوعي للحرب بين الصكالبة والأنكلوسكسون لا يحلّ هاتين المشكلتين، فهما لا تحلّان إلّا بمبدأ حقّ العمل الذي أقرّته التعاليم القومية الاجتماعية وحقّ العمل يعني حقّنا في مواردنا- في أرضنا ونباتها ومعادنها، والشيوعية التي توافق على خروج أرضنا من أيدينا إلى اليهود ولا تفرّق بين عمّال سوريين، يتساقطون بالمرض والفقر والبطالة والحرمان، وعمّال يهود يغتصبون موارد العمّال السوريين، الشيوعية التي توافق على هذا الظلم، بحجّة أنّ العمّال سواء عندها لا فرق بين سورييهم ويهودييهم، وتقول للعمّال السوريين إنّ أهمّ قضية ليست قضية وطنهم وموارد عملهم وحياتهم، بل قضية النزاع بين الجبهة الصكلبية والجبهة الأنقلوسكسونية، هذه الشيوعية الخرقاء هي مبدأ ممخرق وشعوذة كبيرة، فهي لا تؤمّن لكم، أيّها المنتخبون السوريون، حقّ العمل. بل تسمح بتجريدكم منه ثمّ ّتستغلّ نقمتكم وتسخرّكم لأغراض دولتها الكبرى.
لا يعطيكم حقّ العمل غير قوميتكم الاجتماعية لأنّها تعطيكم أرضكم وخيراتها، ولا ينقذكم من الذلّ والشقاء ومن التسخير لما ليس في مصلحتكم الحقيقية إلّا الحركة القومية الاجتماعية. إنّ الحركة القومية الاجتماعية تعمل وتحارب لتأمين الأرض السورية ووحدة مواردها لكم وإعطائكم حقّ العمل وحقّ النصيب منه فالقومية الاجتماعية تعني توزيع غنى لا توزيع الفقر، فاطلبوا العدل الاجتماعي في غنى النهضة القومية الاجتماعية.
أيّها المنتجون القوميون الاجتماعيون، إنّ القضية القومية الاجتماعية هي قضيتكم. هي تؤمّن لكم وحدتكم القومية وعدم تسخيرها للأغراض الأجنبية وتؤمّن لكم الأرض وخيراتها. وتؤمّن لكم العدل الاجتماعي بإعطائكم حقوقكم في العمل وفي نصيبه في نهضة صناعية زراعية – فنّية تجعل وطنكم يفيض خيرًا وصحّة.
إنّ الحركة القومية الاجتماعية هي حركتكم أنتم، أيّها المنتجون، لأنّ الدولة القومية الاجتماعية لا تعترف بغيركم البطّالين والمستغلّي أتعابكم.
تعالوا نكن يدًا واحدة عاملة ومحاربة لننال حقوقنا المهضومة، التي هضمها الرسمالي الجشع والإقطاعي النهم وهضمتها الإقطاعية الشيوعية والرسمالية الاستعمارية. نحن لا نريد حقوقنا منّة من إقطاعي أو رسمالي. إنّنا نريدها استحقاقًا بعملنا وحربنا. انبذوا الشعوذة والتدجيل، اطرحوا عنكم الرسماليين المتاجرين بأتعابكم الذين يترأسون جمعياتكم ونقاباتكم بواسطة خونة قضيتكم القومية الاجتماعية.
انزعوا عن رقابكم سيطرة الإقطاعيين الذين يتظاهرون بالمطالبة بحقوقكم ليبعثروا مجهودكم، أقصوا الشيوعيين الذين سوء حالكم ليسخروكم لحرب ليست حربكم.
كونوا قوميين اجتماعيين وحاربوا في سبيل قضيتكم الاجتماعية التي تحرّركم من الإقطاعية والرسمالية الإنترنسيونية.
آمنوا واعملوا وحاربوا، تنصروا.
نداء الزعيم هذا وجّه إلى الأمّة في أوّل أيار 1949.
Tag:عيد العمل