مقتطف من خطاب الزعيم
“منذ تلك الساعة نقضنا، بالفعل، حكم التاريخ وابتدأنا تاريخنا الصحيح، تاريخ الحرية والواجب والنظام والقوة ــ تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، تاريخ الأمة السورية الحقيقي”.
عندما ننتقل إلى نقطة جديدة من هذا الخطاب، هي الموجودة في الفقرة حيث أقول “مبدأ أن المبادئ توجد للشعوب، لا الشعوب للمبادئ، مبدأ أن كل مبدأ لا يخدم سيادة الشعب نفسه ووطنه هو مبدأ فاسد ــ مبدأ أن كل مبدأ صحيح يجب أن يكون لخدمة حياة الأمة”، نجد نظرة واضحة في أساس الحياة والوجود الذي تقوم عليه نهضتنا.
وهنا قد يبدو أن هنالك تضارباً بين ما نعنيه من استعدادنا للسقوط في سبيل مبادئنا الوارد في فقرة سابقة وبين “أن المبادئ وجدت للحياة” لا لإفناء الحياة. فقد يخطر للبعض هذا السؤال: كيف نبذل أنفسنا في سبيل المبادئ إذا كانت المبادئ وجدت لتبذل نفسها في سبيلنا؟
نحن نبذل أنفسنا في سبيل المبادئ يعني: أننا نبذل أنفسنا أفراداً في سبيل تحقيق المبادئ التي في تحقيقها تحقيق لحياة الأمة، وليس أن المبادئ مستقلة عن الأمة خارجة عنها لا علاقة ولا صلة لها بها، وأننا من أجل هذه المبادئ بذاتها، وليس لأنها تعني حياة الأمة، نحن مستعدون للتضحية.
نحن مستعدون لكل تضحية من أجل انتصار المبادئ وانتصار الأمة بواسطة انتصار هذه المبادئ فإذا وجدت مبادئ لا يمكن أن تعني حياة الأمة، فمهما كانت جميلة في حد ذاتها ومهما كانت رائعة، ساحرة، فهي لا تستحق أن نبذل النفس في سبيلها ولا أن نضحي. حينما تعني المبادئ حياة الأمة الجيدة، المرتقية، في هذا العراك، نحن مستعدون كلنا للتضحية لكن الذين يسقطون يظلون جزءاً من الكل يسقط في سبيل الكل، حتى إذا تحقق خير الكل وجد الكل في هذا التحقيق ما يرضي القيم الإنسانية العليا التي يفيض خيرها على مجموع الشعب تحقيقاً لما يتمنى المرء في نفسه لأمته أولاً ولنفسه ثانياً، وليس لنفسه أولاً ولأمته ثانياً..
من هذا الشرح يظهر جيداُ أن لا تناقض بين أن المبادئ توجد لخدمة حياة المجتمع وإننا مستعدون لبذل النفس في سبيل المبادئ. كل واحد منا مستعد أن يسقط في سبيل المبادئ من أجل أن تحيا المبادئ وأن تحيا الأمة بهذه المبادئ.
فهنا توجد قاعدة مبدئية إنسانية في الحزب السوري القومي الاجتماعي وهي أن المبادئ للإنسان الحي وليس الإنسان للمبادئ. قال الدكتور خليل سعاده: “ليست الحياة وسيلة لتشريف الدين، بل الدين وسيلة لتشريف الحياة”. فقيمة المبادئ للأمة هي بمقدار ما تعني وتعمل لحياة الإنسان الجيدة لا بقدر ما هي خيالات جيدة في أدمغة بعض المفكرين.
Tag:أنطون سعاده, خطاب الزعيم