إلى ناموس مجلس العمد
ضوء معرفي (382).
في 10 كانون الثاني 1947
إلى ناموس مجلس العمد الموقّر
حضرة الناموس المحترم،
“منذ نحو 15 يومًا أرسلت، في غلاف موجّه إليكم، كتابًا إلى رئيس مجلس العمد المحترم أجيب فيه على كتابكم المؤرّخ في 13 ديسمبر[كانون الأوّل] الماضي الذي بلّغتموني فيه ما كلّفكم المجلس الموقّر نقله إليّ. وقد وضعت الكتاب المذكور باسمكم أنتم في البريد الجوّي المسجّل وإلى صندوق البريد، وأتمنّى أن يكون وصل إليكم واطّلع عليه المجلس الموقّر.
وعدت في كتابي السابق المذكور فوق أن أكتب الرسالة التي تمنّى مجلس العمد الموقّر أن أوجّهها إلى القوميين الاجتماعيين قبل مغادرتي مصيف كوردبة الذي كنت فيه. ولكنّ كتابكم الذي يلحّ بوجوب سرعة العودة، وتأخّر جواب وزارة الخارجية البرقيّ على برقيّة القنصلية الفرنسية، التي وضعتها بنفسي في دائرة برق ترانس راديو ودفعت أجرة جواب وزارة الخارجية مع أجرة إرسالها، جعلاني أقرّر مغادرة المصيف المذكور والعودة إلى بوانس آيرس للاهتمام بحلّ مشكلة الوثائق اللّازمة لتمكيني من السفر، فعدت في 31 ديسمبر[كانون الأوّل] الماضي.
حتّى الآن لم يرِد شيء من الوزارة من بيروت مختصّ ببرقيتي، أي برقية القنصلية الفرنسية، والظاهر أنّ الوزارة اللبنانية الجديدة لا تشارك رغبة مجلس العمد في سرعة عودتي إلى الوطن، وكنت قد اطمأنّيت لخبر نشرته إحدى الجرائد الأرجنتينية الكبيرة مفاده أنّ وزير لبنان المفوّض في الأرجنتين قد غادر بيروت، وأنّه يُنتظر أن يصل إلى بوانس آيرس ويقدّم أوراق اعتماده نحو أواسط يناير [كانون الثاني] الحاضر. ولكن لم يمضِ سوى يومين أو ثلاثة على الخبر المذكور حتّى ظهر خبر آخر، أنّ الوزير يسافر بحرًا من فرنسة في 20 يناير[كانون الثاني] الحاضر وينتظر وصوله بين الخامس والعاشر من فبراير[شباط] المقبل، وهذا تأخير غير قليل. وقد درست جميع الإمكانيات الأخرى غير انتظار تفويض الوزارة البرقي وانتظار وصول الوزير ووصلت إلى النتيجة التالية: أستعمل جواز سفر موقّت من القنصلية الفرنسية وأسافر حوالي العشرين من هذا الشهر إلى البرازيل فأزور منفّذية سان باولو والنزالة هناك التي لي فيها أصدقاء عديدون وأحاول نوال جواز سفر من قنصلية لبنانية في البرازيل، مع علمي بموقف قنصل سان باولو السيد محمّد فتح الله والوزير المفوّض في ريّو دي جنيرو الأستاذ يوسف السودا الذي هو موقف يتراوح بين السلبي والعدائي. فإذا لم أنجح في نيل جواز سفر أكون قد اغتنمت الوقت لزيارة نزالة البرازيل وفروع حركتنا فيها التي رغبت إليّ كثيرًا أن أزورها، ولو لمدّة قصيرة قبل عودتي، وإنّي لعلى يقين من فائدة زيارتي هذه للحزب في هذه الحالة، وإذا استمرّ تسويف الموظّفين اللبنانيين في البرازيل في إعطائي جواز سفر للعودة إلى الوطن، أعود بعد إتمام المهامّ القومية الاجتماعية من الزيارة إلى بوانس آيرس في وقت موافق لوصول الوزير المفوّض إليها، وقد أتمكّن من السفر معه في الباخرة من البرازيل إلى الأرجنتين وأفضّل هذا السفر إذا وجدت مكانًا في الباخرة، فتكون هذه فرصة موافِقة لزيادة التعارف بيني وبين الأستاذ [جبران] تويني، وأعتقد أنّه لن يجد سببًا للتسويف في إعطائي الوثائق اللّازمة. إنّ إهمال وزارة الخارجية الجواب على برقية القنصلية الفرنسية رقم 26، مع أنّها قد أجابت على برقيات أخرى تالية متعلّقة بأشخاص آخرين، وعلى الرغم من سؤال إدارة البرق ومراجعتها للوزارة في أمر الجواب، كما كلّفتها أن تفعل، هو أمر يستحقّ الحملة على الوزارة كلّها عمومًا وعلى وزارة الخارجية خصوصًا، وهذه الحملة تأتي في محلّها من عدّة وجوه وتفتح عيون الشعب.
حالما تتمّ معاملة الوثائق فأرجّح أنّي آخذ أوّل طائرة ممكنة في خطّ ذي منزلة، ويجب أن تعلموا أنّ معاملة السفر هي فصل آخر، فلا شركات الطيران ولا شركات المخر تؤمّن الراغب على سفر سريع حالما يطلب، فإنّ كثرة الطلبات على السفر من كلّ نوع يجعل الشركات تتطلّب مهلة نحو عشرين يومًا على الأقلّ للطيران، خصوصًا إذا كان السفر يرتبط رأسًا بخطّ آخر في أوروبّة إلى أثينة (اليونان) أو القاهرة أو بيروت. ونظرًا للسرعة قد أكتفي بالسفر إلى لشبونة أوّلًا أو إلى رومة لأكون حرًّا في اختيار أسرع الوسائط من هناك ولأربح وقت المخابرة التي تضطرّ الشركة هنا إلى إجرائها مع خطّ آخر في أوروبّة يسير نحو شرق المتوسّط.
هذه هي خطوط سفري الكبرى. وقد حزت جواز السفر الموقّت وهو الآن قيد المعاملة في قنصلية البرازيل، فإذا تمّت هذه المعاملة فيكون ذلك غدًا أو الاثنين فيكون أكيدًا انتقالي إلى سان باولو (البرازيل) نحو العشرين من هذا الشهر أو قبل ذلك. وأسافر على الأرجح بالطائرة، ومن هناك إمّا أن أتابع السفر في حالة تيسّر الوثائق، وإمّا أن أعود. وإذا فكّرت عمدة الإذاعة بحملة على التسويف في وثائق سفر الزعيم بموافقة مجلس العمد واستشارة المكتب السياسي فيمكن أن يدمج في الحملة على الوزارة حملة على المفوّضين اللبنانيين في البرازيل الذين أظهروا عدم ارتياح إلى فكرة إعطاء جواز سفر من هناك حين راجعهم القوميون الاجتماعيون في ذلك، وعندي الكتابات المثبتة مواربتهم وممانعة الوزير [يوسف] السودا في الأمر. هذا ما لزم الآن في هذا الصدد. وقد أتممت أمس الرسالة التي وعدت بها وها هي مقدّمة مع هذا الكتاب الذي أكلّفكم تقديمه وقراءته لمجلس العمد الموقّر.
واقبلوا سلامي القومي ودمتم للحقّ والجهاد ولتحيَ سورية.
شركة البرق أثبتت لي أنّ برقيتي إلى الرئيس [نعمة] ثابت سلّمت إليه في بئر حسن في 14 ديسمبر[كانون الأوّل] وفيها أخبره أنّ القنصلية ستبرق طالبة من الوزارة تفويضًا بإعطائي جواز سفر وتأشيرة”.
Tag:ضوء معرفي